• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الأحق بالإمامة في صلاة الجنازة
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    فضل الصبر على المدين
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    تفسير قوله تعالى: { والذين إذا فعلوا فاحشة أو ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    محاسن الإرث في الإسلام (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    تفسير: (لقد كان لسبإ في مسكنهم آية جنتان عن يمين ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    علامات الساعة (2)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    ما جاء في فصل الصيف
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
  •  
    خطبة: أم سليم ضحت بزوجها من أجل دينها (1)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: التربية على العفة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أسس التفكير العقدي: مقاربة بين الوحي والعقل
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    فضل من يسر على معسر أو أنظره
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    حديث: لا طلاق إلا بعد نكاح، ولا عتق إلا بعد ملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن
علامة باركود

مصطلح القراءة الشاذة في "المحتسب" ودعوى تردد ابن جني في المذهب

مصطلح القراءة الشاذة في المحتسب ودعوى تردد ابن جني في المذهب
خيرالله الشريف

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 19/10/2014 ميلادي - 24/12/1435 هجري

الزيارات: 28401

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مصطلح القراءة الشاذّة في «المُحْتَسَب»

ودعوى تردّد ابن جنّي في المذهب

أ. خير الله الشريف [*]

تمهيد:

القراءة بمعناها الخاص وجه من وجوه أداء القرآن، والقراءات بمجموعها جزء من الأحرف السبعة التي هي طرق الأداء الصحيحة العائدة إلى لهجات العرب المختلفة.

 

ولقد نهض رجال القراءات والعربية الأوائل باكتشاف الأسس[1] التي بُنيتْ عليها شروط قبول القراءة الصحيحة الواردة في حديث الأحرف السبعة[2]، فكانت هذه الأسس سياجًا متينًا صان الحقيقة فعلاً لما توفر فيه من بنود تتلخص في:

1- التواتر: وهو اتفاق جمع غفير من الثقات، كان عددهم المئات في أقطار مختلفة - يستحيل تواطؤهم على الكذب - على أنهم سمعوا بآذانهم عن جمع غفير مثلهم، عن جمع آخر مثلهم، إلى أن يصل السماع منتهاه، وهو النبي صلى الله عليه وسلم، أصغرَ حركة أو نقطة في جانب من جوانب القراءة، ومن ثَم دونت هذه القراءات كلها في كتب زيادة في التثبيت.

 

2- موافقة وجه أو أكثر من وجوه اللغة العربية.

 

3- موافقة الرسم ولو احتمالاً: أي أن يوافق لفظنا للقرآن كتابتنا له، فلا يختلف شكل الحروف في كتابة كلماتها عن شكل الحروف المكتوبة في أي من المصاحف البالغة الغاية في التوثيق التي أرسلها عثمان بن عفان رضي الله عنه إلى الأمصار.

 

فإذا ما اختلّ من هذه الثلاثة شرط أطلق على هذه القراءة شاذة، وهذه وإن لم تجز القراءة بها في التلاوة والصلاة، فإنهم اتخذوها حجة في العربية؛ لأنها منقولة عمن لا شك إطلاقًا في فصاحته وحُجِّيَّتِه[3].

 

وقد أُلِّف في الاحتجاج للقراءات عدد من الكتب[4]، منها المخصص للقراءات المجمع عليها ككتاب «الحجة»[5] لأبي علي الفارسي، ومنها المخصص للقراءات الشاذة ككتاب «المحتسب»[6] لابن جني، الذي تداول الباحثون فيه نظرات كالرأيين اللذين نعرض لهما فيما يأتي:

أولاً: مفهوم مصطلح القراءة الشاذة ومنهج المؤلف:

يوضح ابن جني في مقدمته للكتاب[7] فهمه لمعنى ما يُسمّى شاذًّا، فيرى أنه ما خرج عن قراءة القرّاء السبعة، ويصف قُرّاءه بالتوثيق، وأنه مروي بالأسانيد إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه فصيح، وربما كان أفصح من الصحيح، وهو قوي الرواية، ذو قدم راسية في النحو؛ ولذلك قرأ به قُرّاء مشهورون، ويصف خلال ذلك ما قرأ به السبعة الثقات بأنه مجتمع عليه ومُقَرٌّ به.

 

ويُبيِّن غرضه من تأليف كتابه بأنه تقديم الدليل على قوة القراءة الشاذّة، وفصاحتها، وصحة روايتها، ورفعة شأنها، وبراءتها من التهم، ووجوب الأخذ بها شرعًا ولغة، وعدم رفضها؛ لأنها إن لم تصل في نسبة روايتها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلها وجه في العربية صحيح.

 

بيد أنه يقرر في مقدمته بأنه لا يجيز القراءة الشاذّة في الصلاة والتلاوة، ولا يريد لها الانتشار، وأنه يتبع في ذلك ما عليه الأئمة من القراءة بالجائز المجمع عليه.

 

وقد أغرب الدكتور حسين عطوان عندما فهم من كلام ابن جني في هذه المقدمة أنه يُجيز القراءة بالقراءات الشاذة[8]، ولعل هذا الفهم عائد إلى كثرة العبارات التي دافع بها ابن جني عن هذه القراءات، وقوتها، وانتصاره للاحتجاج بها.

 

ومن ثَم يعتقد أن الله تعالى يقبل العمل بالقراءة الشاذّة ويحبها ويريدها، بمعنى أنه يُجيز الاستفادة منها في بيان اللغة والإعراب والاحتجاج بها لهما، لذلك ألَّف ابن جني كتابه دفاعًا عن صلاح القراءات الشاذة وقوتها لمن يريد أن يحتج بها.

 

ثم هو يُصرِّح بأن كتابه هذا غير مؤلف ليجمع كل القراءات الشاذّة، وإنما يختار منها اللطيف الغريب الغامض.

 

أما طريقته فيه - كما قال - فأن يورد فقط ما كان عدم وضوحه ظاهرًا، بأن يسوق روايته، ثم رواية غيره متحريًا في ذلك كله الأمانة وصحة الرواية.

 

وممن اعتمدهم ابن جني في نقل الروايات الشاذّة المختارة من كتبهم خمسة رجال هم: قطرب[9]، والفرّاء[10]، والسجستاني[11]، والزَّجّاج[12]، وابن مجاهد[13].

 

فإذا أفضى ما سبق، إلى الإيضاح عن معنى القراءة الشاذّة في كتاب ابن جني، فلنا أن نضيف أيضًا إلى منهج الرجل أنه[14]:

• يعرض القراءة ويذكر من قرأ بها.

 

• يلتمس الشاهد والنظير من القرآن، أو الحديث، أو الشعر، أو المثل، أو اللهجات، أو كلام الفصحاء، بتفصيل أحيانًا وباختصار أحيانًا أخرى.

 

• قد يردّ القراءة، أو يضعّفها إذا لم يجد للقراءة وجهًا يسكن إليه، أو إذا وجد في ذلك تكلفًا ومشقة.

 

• تمتاز لغته في الكتاب بجمال العبارة، وجزالة الأسلوب، وتدفق الألفاظ، ولا تخلو أحيانًا من بعض الغرابة.

 

• يأخذ ما ينقله عن اللغويين وغيرهم بالقبول تارة، وبالنقد والتحليل تارة أخرى، وربما كان النقد رفيقًا أو عنيفًا.

 

ثانيًا- دعوى التردد في مذهب ابن جني النحوي والصرفي:

بعد ذكر منهج الرجل ومفهومه للشذوذ، نسوق شاهدًا من الكتاب يشمل نصوصًا أربعة في موضوع صرفي واحد هو: (فتح الحرف الحلقي الساكن) وهذا ما ورد في القراءات المتواترة والشاذّة على السواء؛ لنرى وضوح ذلك المنهج في عزو القراءة إلى لهجات العرب، وربطها بمذاهب النحو المشهورة، ومن ثَم نتتبع نعت بعض الباحثين لابن جني بالتردد في اتباع مذهب معين؛ لنبيِّن مدى صحة ذلك، وهذه النصوص هي:

• النص الأول[15]:

«ومن ذلك قراءة سهل بن شعيب النّهمي: ﴿ جَهَرَةً ﴾[16] و﴿ زَهَرَةَ ﴾[17]، كل شيء في القرآن محركًا.

 

قال أبو الفتح: مذهب أصحابنا في كل شيء من هذا النحو مما فيه حرف حلقي ساكن بعد حرف مفتوح أنه لا يحرك إلا على أنه لغة فيه، كالزَّهْرَة والزَّهَرَة، والنَّهْر والنَّهَر، والشَّعْر والشَّعَر، فهذه لغات عندهم كالنَّشْز[18] والنَّشَز، والحَلْب والحَلَب، والطَّرْد[19] والطَّرَد.

 

ومذهب الكوفيين فيه أنه يحرك الثاني لكونه حرفًا حلقيًا، فيجيزون فيه الفتح وإن لم يسمعوه، كالبَحْر والبَحَر، والصَّخْر والصَّخَر.

 

وما أرى القولَ من بعد إلا معهم، والحقَّ فيه إلا في أيديهم؛ وذلك أنني سمعت عامة (عُقَيل) تقول ذاك، ولا تقف فيه سائغًا غير مستكره، حتى لسمعت الشجري يقول: أنا مَحَمُوم. بفتح الحاء، وليس أحد يدعي أن في الكلام: مَفَعُول. بفتح الفاء.

 

وسمعته مرة أخرى يقول - وقد قال له الطبيب: مُصَّ التّفّاحَ، وارمِ بثُفله -: والله لقد كنت أبغي مصه وعِلْيَتُه تَغَذُو. بفتح الغين، ولا أحد يدعي أن في الكلام: يَفَعَل. بفتح الفاء.

 

وسمعت جماعة منهم - وقد قيل لهم: قد أقيمت لكم أنزالكم[20] من الخبز - قالوا: فاللَّحَم. يريدون: اللَّحْم. بفتح الحاء.

 

وسمعت بعضهم وهو يقول في كلامه: ساروا نَحَوَه. بفتح الحاء، ولو كانت الحاء مبنية على الفتح أصلاً لما صحت اللام لتحركها وانفتاح ما قبلها؛ ألا تراك لا تقول: هذه عَصَوٌ. ولا: فَتَوٌ.؟.

 

ولعمري إنه هو الأصل، لكن أصل مرفوض؛ للعلة التي ذكرنا.

 

فعلى هذا يكون ﴿ جَهَرَة ﴾ و﴿ زَهَرَة ﴾ - إن شئت - مبنيًّا في الأصل على فَعَلة، وإن شئت كان إتباعًا على ما شرحنا الآن».

 

• النص الثاني[21]:

«ومن ذلك قراءة محمد بن السَّميْفَع: ﴿ قَرَحٌ ﴾[22]، بِفتح القاف والراء.

 

قال أبو الفتح: ظاهر الأمر أن يكون فيه لغتان: (قَرْحٌ، وقَرَحٌ) كالحَلْب والحَلَب، والطَّرْد والطَّرَد، والشَّلّ والشَّلَل. وفيه أيضًا قُرْح على فُعْل، يُقرأ بهما جميعًا[23].

 

ثم لا أُبْعدُ من بَعْدُ أن تكون الحاء لكونها حرفًا حلقيًا يفتح ما قبلها كما تفتح نفسها فيما كان ساكنًا من حروف الحلق، نحو قولهم في الصَّخْر: الصَّخَر. والنَّعْل: النَّعَل.

 

ولعمري إن هذا عند أصحابنا ليس أمرًا راجعًا إلى حرف الحلق، لكنها لغات، وأنا أرى في هذا رأي البغداديين في أن حرف الحلق يؤثِّر هنا من الفتح أثرًا معتدًّا معتمدًا، فلقد رأيت كثيرًا من (عُقيل) لا أحصيهم يحرك من ذلك ما لا يتحرك أبدًا لولا حرف الحلق، وهو قول بعضهم: نَحَوَه. يريد: نَحْوَه. وهذا ما لا توقف في أنه أمر راجع إلى حرف الحلق؛ لأن الكلمة بُنيت عليه البتة؛ ألا ترى أن لو كان هذا هكذا لوجب أن يقال: نحاه. لأنه (فَعَلٌ) مما لامه واو، فيجرى مجرى عصاه وفتاه؟

 

نعم، وسمعت الشجري يقول في بعض كلامه: أنا مَحَمُوم. بفتح الحاء.

 

وقال مرة وقد رسم له الطبيب أن يَمَصَّ التفاح ويرميَ بِثُفله فلم يفعل ذلك، فأنكره الطبيب عليه، فقال: إني لأبغي مصه وعِلْيَتُه تَغَذُو.

 

ولا قرابة بيني وبين البصريين، لكنها بيني وبين الحق، والحمد لله.

 

ويكون فتح الحاء من (القَرَح) لها ما قبلها كفتحها لها عين الفعل المضارع، نحو: يسنَح، ويسفَح، ويسمَح.

 

ويؤنس بذلك أن هذه الحروف حلقية، فضارعت بذلك الألف التي لا يكون ما قبلها إلا مفتوحًا، وهذا قدر ما يتعلَّل به، إلا أن الاختيار أن تكون (القَرَح) لغة».

 

• النص الثالث[24]:

«ومن ذلك قراءة طلحة: ﴿ الضَّأَنِ ﴾[25]، بفتح الهمزة.

قال أبو الفتح: الضأن جمع، واحدته ضائن وضائنة، وصرفوا فعله فقالوا: ضَئنَت العنـز ضأنًا، إذا أشبهت الضأن.

 

وأما الضّأَن بفتح الهمزة في هذه القراءة، فمذهب أصحابنا فيه وفي مثله مما جاء على فَعْل وفَعَل وثانيه حرف حلق، كالنَّهْر والنَّهَر، والصَّخْر والصَّخَر، والنَّعْل والنَّعَل، وجميع الباب، أنها لغات كغيرها مما ليس الثاني فيه حرفًا حلقيًا، كالنَّشْز والنَّشَز، والقَصّ والقَصَص.

 

ومذهب البغداديين أن التحريك في الثاني من هذا النحو إنما هو لأجل حرف الحلق، وقد ذكرنا ذلك فيما مضى من هذا الكتاب وغيره.

 

ويؤنسني بصحة ما قالوه أني أسمع ذلك فاشيًا في لغة (عُقَيل)، حتى لسمعت بعضهم يومًا قال: نَحَوَه. يريد: نَحْوه. فلو كانت الفتحة في الحاء هنا أصلاً معتـزمة غير إتباع لكونها حرفًا حلقيًّا، لوجب إعلال اللام التي هي واو ألفًا؛ لتحركها وانفتاح ما قبلها، كغَضَاة، وشَجَاة[26]، فكان يقال: نحاه. وهذا واضح، غير أن لأصحابنا ألا يقبلوا من اللغة إلا ما روي عن فصيح موثوق بعربيته، ولست أثبت هذه الفصاحة المشروطة لمن سمعت منه هذه اللفظة، أعني: نَحَوه.».

 

• النص الرابع[27]:

«ومن ذلك قراءة الحسن: ﴿ إلى يومِ البَعَثِ فهذا يومُ البَعَثِ ﴾[28]، بفتح العين فيهما.

 

قال أبو الفتح: قد تقدم القول على حديث فتحة الحرف الحلقي إذا كان ساكن الأصل تاليًا للفتح، وذِكرُ الفرق بين قولنا وقول البغداديين فيه، وأنني أرى فيه رأيهم لا رأي أصحابنا. وذكرت ما سمعته من الشجري وغيره من قولهم فيه: أنا مَحَمُوم. وقوله: يَغَذُو. وهو يريد: يَغْذُو. فلا وجه لإعادته هنا، فكذلك يجوز أن يكون أراد: البَعْث. على قراءة الجماعة، ثم حرك بالفتح لأجل حرف الحلق».

 

نسب الدكتور حسامُ النعيمي ابنَ جني في هذه القضية الصوتية إلى التردد[29]، فرأى أنه قد أعاد القول بتحريك الحرف الثاني الساكن من الكلمة لكونه حرفًا حلقيًا إلى الكوفيين، ثم عاد ونسب الرأي للبغداديين، ثم عاد إلى رأي أصحابه البصريين، ثم قطع في نهاية الأمر بأنه يرى رأي البغداديين.

 

وعلل النعيمي هذا التردد بكلام الشجري والفصحاء من قومه بني عقيل الذي جعل ابن جني يتحول عن رأي أصحابه في هذه المسألة.

 

أما عودة ابن جني إلى رأي البصريين فقد استنبطها من قوله: «غير أن لأصحابنا ألا يقبلوا من اللغة إلا ما روي عن فصيح موثوق بعربيته»[30]، وهذه العبارة جاءت في السياق الذي يؤكد ابن جني فيه اختياره لمذهب البغداديين، في أن تحريك الحرف الثاني إنما هو لأجل حرف الحلق، وأنه يستدل بذلك من لغة (عُقَيل) التي سمعها تحرك هذا الحرف، لكن ابن جني يستدرك هنا أن البصريين لا يقبلون لغة (عُقَيل) لأنهم لا يثقون بفصاحتها في ذلك العصر الذي انتهى فيه الاحتجاج لديهم، وهذا من استطرادات ابن جني، ولا يعني ذلك مطلقًا أنه بدَّل رأيه في القضية لمصلحة البصريين.

 

وأما الأمر الآخر في رأي النعيمي، أي تردد ابن جني بين البغداديين والكوفيين، فالحقيقة أنه لم يكن مترددًا في شيء، فالناظر إلى مذهبه وانتمائه النحوي يرى بوضوح تفرده في مسائل خالف فيها البصريين، ونحا منحى الكوفيين، والسبب في ذلك انتماؤه إلى الجيل الثاني من المدرسة البغدادية التي تجمع بين آراء مدرستي البصرة والكوفة مع غلبة آراء الأولى، هذا الجيل الذي كان من أقطابه ابن جني وأبو علي الفارسي، وهذا أشار إليه الدكتور شوقي ضيف - رحمه الله - عندما وصف ابن جني بأنه: «كان يدفعه طول النظر والتبصر تبصرًا في كثير من الأحيان، إلى الوقوف في صف الكوفيين وأوائل البغداديين حين يجد السداد في جانبهم، وهو ما يؤكد بغداديته، وأنه كان يقيم مذهبه النحوي والصرفي على الانتخاب من المذهبين البصري والكوفي وما انبثق عنهما من المذهب البغدادي عند أوائل البغداديين»[31].

 

وإطلاق ابن جني اسم البغداديين على الكوفيين وكأنهم مدرسة واحدة أمر وارد في أكثر من موضع[32]، وقد علله الدكتور ضيف بقوله: «أما إطلاق ابن جني اسم البغداديين على الكوفيين أحيانًا فيرجع إلى أن جمهور الجيل الأول من البغداديين كانت تغلب عليه النـزعة الكوفية، فسماهم الكوفيين تارة، وتارة البغداديين»[33].

 

والخلاصة: إن القراءة القرآنية الشاذة هي التي اختل فيها شرط أو أكثر من الشروط الثلاثة المشهورة: التواتر، وموافقة العربية ولو بوجه، وموافقة الرسم ولو احتمالاً. وهذا ما أقره ابن جني في «المحتسب»، ثم نبه على أمرين: الأول أنه لا تجوز القراءة بها في الصلاة والتلاوة، والثاني وجوب الأخذ بها شرعًا ولغة، واستحباب اعتمادها في الاحتجاج للعربية لفصاحتها وقوة روايتها.

 

أما المذهب النحوي الذي ينتمي إليه ابن جني فيظهر جليًّا في النصوص انتماؤه إلى الجيل الثاني من المدرسة البغدادية القائم على الانتخاب من المذهبين الكوفي والبصري، والله ولي التوفيق.

 

المصادر والمراجع:

• الإتقان في علوم القرآن/ السيوطي، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم - ط2- بيدار: منشورات الرضي، 1397ﻫ- 2مج.

• إشارة التعيين في تراجم النحاة واللغويين/ اليماني، تحقيق: د. عبد المجيد دياب - ط1- الرياض: مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، 1986م.

• إعجاز القرآن/ مصطفى صادق الرافعي - بيروت: دار الكتاب العربي.

• إنباه الرواة على أنباه النحاة/ القفطي، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم - ط1 - القاهرة: دار الفكر العربي، بيروت: مؤسسة الكتب الثقافية، 1986- 4ج.

• البدور الزاهرة في القراءات العشر المتواترة، ويليه القراءات الشاذة وتوجيهها من لغة العرب/ عبدالفتاح القاضي - ط1 - بيروت: دار الكتاب العربي، 1981.

• البرهان في علوم القرآن/ الزركشي، تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا - ط1- بيروت: دار الفكر، 1988- 4مج.

• الخصائص/ ابن جني، تحقيق: محمد علي النجار- بيروت: دار الكتاب العربي 3مج- (مصورة).

• الدراسات اللهجية والصوتية عند ابن جني/ د. حسام سعيد النعيمي - بغداد: وزارة الثقافة والإعلام؛ دار الرشيد، 1980- (سلسلة دراسات 234).

• سير أعلام النبلاء/ الذهبي، تحقيق: شعيب الأرنؤوط وآخرين - بيروت: مؤسسة الرسالة، 1982- 25 مج.

• القرآن ونصوصه/ د. عدنان زرزور - دمشق: جامعة دمشق، 1980.

• القراءات القرآنية في بلاد الشام/ د. حسين عطوان - ط1- بيروت: دار الجيل، 1983.

• المدارس النحوية/ د. شوقي ضيف- القاهرة: دار المعارف، 1968.

• معجم القراءات القرآنية/ د. أحمد مختار عمر، د. عبدالعال سالم مكرم - إيران: انتشارات أسوة، 1991- 8مج - (مصورة).

• مناهج الصرفيين ومذاهبهم في القرنين الثالث والرابع للهجرة/ د. حسن هنداوي - ط1 - دمشق، بيروت: دار القلم، 1989.

• النشر في القراءات العشر/ ابن الجزري، تصحيح: محمد أحمد دهمان - ط1- دمشق: مطبعة التوفيق، 1345ﻫ - 2مج.

 

الدوريات:

• مجلة مجمع اللغة العربية بالقاهرة/ ج (33) - سنة 1974.

• مجلة كلية اللغة العربية بالرياض/ ع (12) - سنة 1982.



[*] مدير المخطوطات في مكتبة الأسد بدمشق.

[1] انظر كلامًا مفصلاً على هذه الأسس في: النشر في القراءات العشر 1/ 9- 13، الإتقان في علوم القرآن 1/ 266- 280، البرهان في علوم القرآن 1/ 408، إعجاز القرآن ص 51- 59، معجم القراءات القرآنية 1/ 100- 110، القرآن ونصوصه ص 166- 179، مناهج الصرفيين ومذاهبهم في القرنين الثالث والرابع للهجرة ص 92 وما بعدها.

[2] انظر في معنى الأحرف السبعة وحديثها: النشر 1/ 19- 21، إعجاز القرآن ص 67- 70، مجلة كلية اللغة العربية بالرياض: القراءات وصلتها باللهجات العربية للدكتور عبد الغفار حامد هلال /ع (12): ص 401- 407.

[3] انظر: النشر 1/ 14- 17، البرهان 1/ 409 – 410، الإتقان 1/ 280، 378، القراءات الشاذّة وتوجيهها من لغة العرب ص 10، مجلة كلية اللغة العربية بالرياض: القراءات القرآنية ومدى الاحتجاج بها في العربية للدكتور محمد بدوي المختون /ع (12): ص 155- 234، مجلة مجمع اللغة العربية بالقاهرة: الصراع بين القُرّاء والنُّحاة /ج (33): ص 135- 160.

[4] انظر مثلاً: معجم القراءات القرآنية 1/ 104- 106، 115.

[5] الحجة للقرَّاء السبعة أئمة الأمصار بالحجاز والعراق والشام الذين ذكرهم أبو بكر ابن مجاهد /تصنيف أبي علي الفارسي الحسن بن أحمد المتوفى سنة 377 هـ(سير أعلام النبلاء 16/ 379) مطبوع في دار المأمون للتراث بدمشق سنة 1993، تحقيق: بدر الدين قهوجي، بشير جويجاتي، راجعه: عبد العزيز رباح، أحمد يوسف الدقاق - الطبعة الأولى في 7 مجلدات.

[6] المحتسب في تبيين وجوه شواذ القراءات والإيضاح عنها/ تصنيف أبي الفتح عثمان ابن جني المتوفى سنة 392 هـ(إشارة التعيين ص 200)، مطبوع في المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بالقاهرة سنة 1994 طبعة مصورة، تحقيق: علي النجدي ناصف، د. عبد الحليم النجار، د. عبد الفتاح إسماعيل شلبي، في مجلدين.

[7] مقدمة المحتسب 1/ 31- 36.

[8] القراءات القرآنية في بلاد الشام ص 74.

[9] هو محمد بن المستنير المتوفى سنة (206)هـ، كتابه: (معاني القرآن)، وقطرب: دويبَّة لا تستريح نهارها سعيًا، لُقب به لأنه كان يبكّر إلى سيبويه، فكلما فتح بابه وجده، فقال: ما أنت إلا قطرب ليل. («القاموس المحيط»/ قطرب، «إنباه الرواة» 3/ 219، «إشارة التعيين» ص 338).

[10] هو يحيى بن زياد المتوفى سنة (207)هـ، كتابه: (معاني القرآن) حققه أحمد يوسف نجاتي، ومحمد علي النجار، وعبد الفتاح إسماعيل شلبي وطُبع في دار الكتب المصرية بالقاهرة سنة 1955 في 3 مجلدات. (ترجمته ومصادره في «السير» 10/ 118، و«الإشارة» ص 379).

[11] هو سهل بن محمد المتوفى سنة (255)هـ، كتابه: (المصاحف)، صححه آرثر جفري، وطُبع في المطبعة الرحمانية بالقاهرة سنة 1936، (ترجمته ومصادره في: «سير أعلام النبلاء» 12/ 268، و«إشارة التعيين» ص 137).

[12] هو إبراهيم بن محمد المتوفى سنة (311)هـ، كتابه: (معاني القرآن) حققه عبد الجليل عبده شلبي، وخرَّج أحاديثه علي جمال الدين محمد، وطُبع في دار الحديث بالقاهرة سنة 1994 في 5 مجلدات. (ترجمته ومصادره في «السير» 14/ 360، و«إشارة التعيين» ص 12).

[13] هو أحمد بن موسى المتوفى سنة (324)هـ، كتابه: (الشواذ). (ترجمته في «سير أعلام النبلاء» 15/ 272 ومصادره ثمة).

[14] وانظر مقدمة محققي المحتسب ص 11- 19، وكتاب «الدراسات اللهجية والصوتية عند ابن جني» ص 257- 260.

[15] المحتسب 1/ 84- 85.

[16] البقرة/ 55 وقرأ بها أيضًا ابن عباس، وحميد بن قيس، انظر: معجم القراءات القرآنية 1/ 58.

[17] طه/ 131. وهي قراءة متواترة غير شاذة، قرأ بها يعقوب، وقرأ باقي العشرة بإسكان الهاء، انظر: البدور الزاهرة في القراءات العشر المتواترة ص 209. وقرأ بالفتح أيضًا: الحسن، وأبو حيوة، وأبو البرهسم، وطلحة، وحميد، وسلام، وعيسى، والزهري، انظر: معجم القراءات القرآنية 4/ 122.

[18] النشز: المكان المرتفع من الأرض.

[19] الطرد: مزاولة الصيد.

[20] الأنزال: جمع نزل، وهو ما هيئ للنـزيل.

[21] المحتسب 1/ 166- 167.

[22] آل عمران/ 140. وهي قراءة أبي السمال أيضًا، انظر: معجم القراءات القرآنية 2/ 67.

[23] أي (قُرْح) و(قَرْح)، وقرأ بالأولى: شعبة وحمزة والكسائي وخلف. وقرأ الباقون بالفتح، انظر: البدور الزاهرة في القراءات العشر المتواترة ص70.

[24] المحتسب 1/ 234.

[25] الأنعام/ 143. وقرأ بها أيضًا: الحسن، وعيسى بن عمر، انظر: معجم القراءات القرآنية 2/327.

[26] الغضاة: واحدة الغضى، نوع من الشجر. والشجاة: لعلها واحدة الشجا، وهو ما اعترض في الحلق من عظم ونحوه، أو هي: شجاه، بمعنى حَزَنَه، وطَرَّبَه.

[27] المحتسب 2/ 166.

[28] الروم/ 56.

[29] الدراسات اللهجية والصوتية عند ابن جني ص 41.

[30] المحتسب 1/ 234.

[31] المدارس النحوية ص 271.

[32] الخصائص 1/ 18، 199، وسر الصناعة 1/ 180- 181، والمنصف 2/ 200.

[33] المدارس النحوية ص 246.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • القراءات الشاذة: أحكامها وآثارها
  • نشأة القراءات الشاذة
  • التصدي للفتاوى الشاذة
  • بحث بعنوان فهرس القراءات الشاذة في كتاب غاية النهاية في طبقات القراء لابن الجزري
  • ابن جبارة المقدسي (648 – 728ه‍) وكتابه (المفيد في شرح القصيد)
  • مصادر حكم القراءة بالشاذ
  • راء (المبرد) بين جدل الكسر وصحة الفتح
  • فساد دعوى الملاحدة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان رجلا شهوانيا مزواجا لزواجه من تسع نسوة
  • اعتباطية العلاقة بين الدال والمدلول عند ابن جني
  • الشاذ يحفظ

مختارات من الشبكة

  • توظيف المصطلح في الصراع الحضاري: مصطلح الإرهاب أنموذجا (WORD)(كتاب - موقع الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن معلا اللويحق)
  • توظيف المصطلح في الصراع الحضاري: مصطلح الإرهاب أنموذجا (PDF)(كتاب - موقع الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن معلا اللويحق)
  • فهرس المصطلحات الواردة في كتاب (معجم المصطلحات السياسية في تراث الفقهاء)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • من منطلقات العلاقات الشرق والغرب (الاحتلال- المصطلح)(مقالة - موقع د. علي بن إبراهيم النملة)
  • مصطلحات قلقة في الفكر العربي(مقالة - موقع د. علي بن إبراهيم النملة)
  • أهمية تحرير المصطلحات(مقالة - موقع د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر)
  • علم اللغة (تعريفه)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • علم المصطلح وعلم اللغة: أبعاد العلاقة بينهما(مقالة - حضارة الكلمة)
  • دعوى انتقال الروح من إنسان إلى آخر ودعوى التطور من القرد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • توحيد المصطلح العلمي في الوطن العربي(مقالة - حضارة الكلمة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 15/11/1446هـ - الساعة: 15:5
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب